بسم الله الرحمن الرحيم
إن من المحزن حقاً ما نراه من واقع فئات من الناس في عدم مبالاتهم بالأوقات، وخاصة
الأوقات الفاضلة،مع أنهم يدركون جيداً أن الحياة قصيرة وإن طالت، والفرحة ذاهبة وإن دامت،
والصحة سيعقبها السقم، والشباب يلاحقه الهرم.
ومن الأوقات الفاضلة التي فرط فيها بعض الناس يوم الجمعة، الذي هدى الله تعالى أمة محمد
صلى الله عليه وسلم إليه، وأضل الأمم الماضية عنه، هذا اليوم الذي فيه خلق آدم، وفيه أدخل
الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة .
(( وما من ملك مقرب، ولا سماء، ولا أرض، ولا رياح، ولا جبال، ولا بحر، إلا وهن يشفقن
من يوم الجمعة))[رواه أحمد وحسنه الألباني].
وقد ذكر كعب الأحبار أنه :
(( ما طلعت الشمس من يوم الجمعة إلا فزع لمطلعها البر والبحر والحجارة، وما خلق الله
من شيء إلا الثقلين))[رواه عبدالرزاق في مصنفه 3/552] .
ومع ذلك نرى التفريط والإضاعة في ساعاته، لذا لزاماً علينا أن ندرك بعض حقائق هذا اليوم
حتى نعرف قدره، ونقدر أمره فمن ذلك :
أولاً: عظم هذا اليوم :ـ
قد جاءت النصوص الشرعية في بيان عظم هذا اليوم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق
آدم، وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها))[ رواه مسلم].
وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال قـال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إن من أفضل
أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة)) الحديث[رواه أبو
داود].
"هذا برنامج مقترح لقضاء الوقت في يوم الجمعة"
أولاً:
ألا نسهرليلة الجمعة إلى ساعات متأخرة من الليل ، لأن السهر سيفوت علينا
صلاة الفجر والمكوث بعدها في المصلى للذكر والتلاوة، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -
: جدب – أي عابه وذمه – إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم السمر بعد العشاء [ رواه
أحمد وصححه الألباني ] .
ثانياً :
أن تمكث في مصلانا بعد صلاة الفجر للذكر والتلاوة .
ثالثا :
قراءة سورة الكهف فقد وردت نصوص في فضل قراءتها ، منها ما رواه الدارمي في
سننه عن أبي سعيد الخدري قال : (( من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور
فيما بينه وبين البيت العتيق )) (إسناده له حكم الرفع كما قال الألباني ) .
رابعا :
بعد العصر يمكن أن نستغله بزيارة قريب ، أو عيادة مريض ، أو مذاكرة علم
ونحو ذلك .
خامسا :
قبيل المغرب يبغي التفرغ للدعاء واستغلال ساعة الاستجابة ، لما جاء في الصحيحين من
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال
: (( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه وأشار
بيده يقللها )) .
واختلف أهل العلم في تعيين هذه الساعة على أقوال كثيرة ، ولكن لعل أرجحها أنها آخر ساعة
من العصر ، فحري بنا لعلمنا بفقرنا وحاجتنا إلى ربنا ، أن تنتهز هذه
الفرصة بالدعاء لانفسنا وأبنائنا بالهداية والثبات على هذا الدين والدعاء لإخواننا المسلمين في
مشارق الأرض ومغاربها .
سادسا :
بعد المغرب نحاول الجلوس مع أهلنا وأبنانها أو إخواننا ومن لهم حق علينا في البيت
لمذاكرة بعض العلم أو التفقه في الدين أو المؤانسة المباحة التي تعود علينا بالفائدة
سابعا :
بعد صلاة العشاء وتناول الطعام إن أحببنا أن نقرأ من كتب العلم المناسبة فهذا
حسن كما قال الشاعر :
وخير جليس المرء كتب تفيده *** علومـــاً وآدابـــــاً كـعقــــل مؤيدِ
ولا نسأم العلم ونسهر لنيـله بلا ضجر تحمـد سٌرى السير في غـدِ
وإن أبينا ذلك فلنوتر قبل أن ننام لنختم يومنا بما يرضى العلام ، ولا ننس أذكار النوم وآدابه ،
ولننوي أننا سنقوم الليل ونتضرع وقت السحر بين يدي الكريم