تحقيــــق عـزت السـعدني
نحن أول من عرف التوحيد
وهو أول من آمن بالله وباليوم الآخر وبالبعث بعد الموت.. وبالجنة والنار.. وبالحساب والعذاب.. وبالثواب والعقاب..
كما تأكدت وبصمت بالعشرة.. أن مصر هي أول أرض أرسل إليها العزيز المقتدر أحدا من رسله وأنبيائه العظام..
وأن أول نبي سعي بالخير والحق والعدل في الأرض.. مصري الجنسية أبا عن جد..
بل إن أول إنسان رفعه الله إليه في السماء.. مصري الجنسية أيضا..
بأرض مصر عاش وبأرض مصر رفع إلي السماء..
هذا الإنسان المصري البسيط.. كانت صناعته حياكة الثياب..
وكانت مهمته علي أرض مصر.. هي النبوة.. فقد كان نبيا ورسولا.. وداعيا بالحق تقيا نقيا مباركا.. وسلام عليه يوم ولد ويوم يبعث حيا..
هل عرفتموه؟
إنه ليس سيدنا عيسي عليه السلام.. كلمة الله في الأرض.
ولكنه سيدنا إدريس عليه السلام أول نبي ظهر في مصر قبل أكثر من سبعة آلاف عام.. وقبل المسيح عيسي بن مريم الوجيه في الدنيا والآخرة بخمسة آلاف عام باليوم والساعة والسنة!
ولتقواه ونقائه وعظيم رسالته.. رفعه الله مكانا عليا.. ليسكن ملكوته في السماء..
أين؟
هنا نتوقف عن الكلام والجواب..
فالكلام هنا.. هو كلام الحق عز وجل.
والجواب هنا سبحانه وتعالي في سورة مريم:
واذكر في الكتاب إدريس. إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا
................
...............
قبل أن نكشف الستار.. كل من أمسك بالقلم والدواة, ومن صفحات بيضاء نورا وحبا وعلما وأدبا وتأدبا وأنا في آخر صف منهم.. عن أول نبي.. نادي رسالة التوحيد علي أرض مصر..
وهو في الوقت نفسه أول إنسان مصري في ثوب النبوة يصعد إلي السماء قبل سبعين قرنا من الزمان..
تعالوا أدلكم علي طريق مصر في الهداية في عبادة الله الواحد الأحد.. في التوحيد.. في المناداة بوحدانية الله تعالي.. قبل الزمان بزمان..
قبل أن أحدثكم عن سيدنا إدريس.. الذي لم يمت.. بل رفعه الله عليا إلي مقعد صدق عند عزيز مقتدر..
تعالوا نعرف سر عظمة مصر والمصريين.. تعالوا نتعرف علي رحلة مصر والمصريين مع الإيمان والتوحيد..
بل إنني ـ ومعي الدكتور نديم السيار الباحث المدقق في رسالة التوحيد ـ عثرنا معا علي أول طائفة عبدت الله الواحد الأحد.. منذ فجر التاريخ المكتوب.. ومازالت تعبده حتي الساعة.. وهم آخر طائفة من المصريين الذين هاجروا من مصر من أيام فيضان نوح عليه السلام واستقروا بجنوب العراق..
وقد زرتهم أنا مرة قبل تمزيق العراق واحتلاله وتقطيع أوصاله من قبل الآلة العسكرية الأمريكية وزارهم رفيقي د. نديم السيار مرات ومرات.
إنهم طائفة الصابئة والتي ذكرها الله في محكم آياته الكريمة في سورة البقرة:
إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصاري والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
هل عرفتموهم؟
إنهم الصابئة.. وهم للحق والصدق آخر سلالة من المصريين القدماء الذين هاجروا من مصر بعد الطوفان حاملين معهم ديانة مصر في التوحيد, بل أنتم سوف تعجبون وتأخذكم الدهشة إلي شواش الشجر إذا علمتم أنهم هم الحنفاء أتباع ديانة سيدنا إبراهيم عليه السلام أبوالأنبياء التي اسمها الحنيفية, وهذا يعني دون مواربة.. ودون تجاوز في الحقيقة.. إن ملة إبراهيم حنيفا هي ملة أهل مصر وأن الصابئة هم الذين حملوا رسالة سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء ومازالوا يحملونها حتي الساعة!
يعني بعبارة أكثر بساطة ووضوحا..
الصائبة هي ديانة المصريين القدماء.. وأن الحنيفية ديانة إبراهيم أبي الأنبياء مازالت حية ترزق.
وأن المصريين هم أهل ديانة التوحيد في الأرض كلها..
هل استوعبتم هذه العبارات:
إذا لم تكونوا قد استوعبتم وفهمتم وتعلمتم أن مصر هي أول كل شيء في الوجود.. وأصل كل شيء في الوجود.. ومهد الديانات ومهبط الرسالات.
فتعالوا نقترب أكثر.. لنفهم أكثر.. وأنتم وأنا وكل إنسان عبد الله الواحد الأحد في هذه الدنيا..
تعالوا نذهب إليهم حيث يعيشون.. وحيث يتعبدون وحيث يأكلون ويشربون ويتزوجون وينجبون..
لم نذهب إليهم هذه الأيام.. ومن هذا الذي فقد عقله ورشده أن يذهب إلي العراق الممزق المشرد.. السجين في أرضه..
ولكننا ذهبنا إليهم.. إلي طائفة الصابئة قبل أن تصعق العراق صعقا.. الآلة الهمجية الأمريكية..
تجربتي أحكيها لكم..
قالوا لي أيام حرب العراق ـ إيران.. إن هناك طائفة عراقية تعبد الشيطان.. وذهبت إليهم قرب مدينة البصرة.. وكانت آلة الحرب قد أهلكت الزرع والضرع فيها.. وجاءوا لي بواحد من أتباع الشيطان.. وقال لي كلاما ـ ليس هذا أوانه ـ إنهم يعبدون الشيطان فعلا.. لأنه الوحيد ـ استغفر الله ـ الذي قال لله كلمة لا!
...............
...............
أسأل الدكتور نديم السيار صاحب كتاب: مصر أول الموحدين: من هم الصائبة.. وهل هم حقا آخر سلالة من الفراعنة أجدادنا؟
قال الصابئة).. تلك الملة العتيقة الغامضة, التي يذكر المؤرخون أنها كانت أقدم الأديان علي وجه الأرض.. والتي انقرض أصحابها الآن ولم يبق منهم في العالم أجمع سوي ما يقرب من عشرة آلاف فرد فقط يعيشون منعزلين في بضع قري صغيرة متناثرة في أقصي جنوب العراق علي الحدود العراقية ـ الإيرانية.
ولا توجد طائفة دينية يحوطها الغموض وتختلف حولها الآراء, مثلما هو الحال بالنسبة لأولئك القوم.. البعض يرفعهم إلي أعلي درجات الموحدين المؤمنين, وآخرون ينزلون بهم إلي أحط دركات الوثنيين الكافرين.
وترداد الإثارة عندما نعلم أنهم هم المذكورون في القرآن الكريم, ضمن طوائف المؤمنين المبشرين بالجنة.
إن الذين آمنوا, والذين هادوا والنصاري والصابئين
من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم... البقرة62
وتزداد الإثارة أكثر وأكثر عندما نعلم أنهم يسمون أيضا الحنفاء.. بل ويذكر العقاد أن من يريد معرفة ديانة إبراهيم الحنيفية, تلك الملة المجهولة الغامضة, فلا سبيل أمامه سوي دراسة معتقدات أولئك القوم.
أسألة: ما هي حكايتك مع الصابئة؟
قال: حكايتي مع الصابئة.. كنت قد قرأت كل ما سبق منذ سنوات طويلة, وتعجبت واحترت مع الكثيرين غيري.. ولكن الأمر ازداد إثارة بالنسبة لي عندما قرأت عنهم ما أذهلني.. وهو أن كتبهم المقدسة تذكر أنهم كانوا يعيشون بمصر الفرعونية قديما ـ قبل هجرتهم إلي موطنهم الحالي بجنوب العراق ـ وأنهم قد تلقوا كل تعاليم ديانتهم نقلا عن كهنة المعابد المصرية.
قلت: أي أنهم علي ديانة الفراعنة نفسها؟
قال: نعم بالتأكيد.. وكنت أيامها ـ وذلك منذ ما يقرب من ربع قرن ـ منهمكا في البحث عن أصل عقائد المصريين القدماء.. فكانت هذه المعلومة بالنسبة لي غاية في الإثارة والأهمية.. إذ لو ثبت صحة ما يزعمون, فإنهم بذلك يمثلون ما يمكن تسميته قدماء المصريين الأحياء.. أي أناس ـ بصرف النظر عن أصلهم العرقي ـ يحملون في عقولهم وقلوبهم عقائد مصر القديمة حية نابضة.. أناس نستطيع أن نناقشهم ونستفسر منهم عن دقائق وغوامض تلك العقائد.
ثم تزداد الإثارة عندما نعلم أنهم يقولون أيضا إن نبيهم هو إدريس عليه السلام ـ المذكور في القرآن والتوراة ـ فلو صح أيضا ما يقولون, نكون بذلك قد حصلنا علي الحلقة المفقودة بين الديانة الفرعونية والديانات السماوية الحالية.
ورجعت أعيد كل ما سبق لي قراءته عن أولئك( الصابئة), فلم أظفر إلا بمزيد من الغموض والحيرة, ولكن كانت لي ملاحظات علي تلك الشذرات المذكورة عنهم في كتب تراثنا العربي والإسلامي, أهمها أنها كلها أحاديث لأشخاص لم يتعرفوا علي( الصابئة) مباشرة, لم يلتقوا بهم ولم يتحدثوا إليهم, وإنما هي أقوال نقلية سماعية ـ كمسامرات المجالس ـ وغالبا ما تأتي في صيغة( يقال إنهم كذا) أو( سمعت فلانا يزعم أنهم قد يكونون كذا) أو( ربما كانوا كذا).. إلخ.. وكثيرا ما تختتم بقولهم والله أعلم).
ووسط سلاسل العنعنات تأتي أعجب التخمينات والافتراءات, وقد صدق المؤرخ السوري عزة دروزة إذ يقول أما أقوال المفسرين عنهم فإننا لا نراها تخرج عن حد التخمينات.. وتعددها وتموجها يؤكدان ذلك).
قلت: ما كل هذا الغموض؟
قال: ولعل من أسباب الغموض الذي يكتنف هذه الطائفة.. ما يرجع إلي الصابئة أنفسهم.. إذ إنهم قليلو العدد, يعيشون في عزلة, ويتوجسون من الغرباء فلا يفضون إليهم بحقيقة معتقداتهم, بالإضافة إلي أن لهم لغتهم الخاصة التي لا يعرفها سواهم, وكذلك حروف كتابتهم التي لا يعرفها إلا كهنتهم.
وبذلك, فلا حل لجلاء ذلك الغموض ـ كما طلب العقاد أيضا ـ إلا أن يذهب باحث إليهم في موطنهم, يعيش بينهم, يسمع منهم مباشرة, يسألهم ويحاورهم, ويري بعينيه كل طقوسهم وشعائرهم.
ومن هنا.. كان قراري بأن أكون هذا الباحث.
قلت: عظيم.. وذهبت بالفعل؟
قال: مهلا ياعزيزي..
فقد حدث في عام1983 أن تعرفت بالعالم الكبير د. حسن ظاظا في أثناء عملي بالسعودية, وعندما تحادثنا في أمر أولئك( الصابئة) فوجئت به يعرض علي الأمر نفسه, وهو السفر إلي العراق للالتقاء بهم مباشرة, وكان من رأيه أن وظيفتي كطبيب قد تتيح أنسب الظروف للقيام بهذه المهمة, فعملي في الوحدة الصحية بأي قرية صابئية سوف يتيح فرصة المعايشة ـ حيث الإقامة الكاملة بينهم ـ ومع دوام هذه المعايشة يأتي السماع والرؤية والمناقشة.
وذهبت إلي العراق في أواخر1985 وطلبت من المسئولين أن يكون تعييني في محافظة ميسان أو البصرة حيث مواطن الصابئة, وقد كان.
ومنذ بدء وصولي ـ وحسب تعليمات أستاذي د. حسن ظاظا ـ بدأت بجولة بين المكتبات المختلفة لتجميع كل الكتب ـ نحو12 كتابا ـ التي ألفت خصيصا عن( الصابئة) بالعربية والإنجليزية أو مترجمة عن الألمانية والفارسية, ثم أخذت في دراستها لفترة كافية قبل ذهابي إليهم.. ثم أخيرا تحقق بعون الله هدفي حيث تمكنت من العمل كطبيب للوحدة الصحية في إحدي القري( الصابئية).
وبذلك اتيح لي ـ وعلي مدي ما يقرب من عام ـ رؤية كل طقوسهم وشعائرهم.. إلخ.. كما أتيح لي التعرف علي أفكار مختلف طبقاتهم, بدءا من أبسط فقرائهم, إلي مثقفيهم ـ وفيهم نفر من خريجي الجامعات!! ـ إلي رجال الدين منهم بمختلف طبقاتهم من أصغر التلامذة إلي الكهان.. إلخ... وبذلك أتيح لي أيضا أن أسأل وأستفسر عن كل غامض في عقيدتهم.. باختصار, يمكن القول إنني قمت بدراسة هذه( العقيدة الصابئية) علي الواقع حية نابضة, وبذلك يكون حديثي ليس حديثا معتمدا فقط علي ما ورد عنهم في المراجع والكتب, وإنما هو حديث من عايش, وسمع بأذنيه ورأي بعينيه.
وكان الفضل في ذلك كله ـ بعد توفيق الله سبحانه ـ إلي أستاذي الجليل د. حسن ظاظا, ذلك الأستاذ الكبير الذي يكاد يكون مجهولا في بلده مصر للأسف, بينما يعرفون في الخارج قدره.
ويكفي أن نعرف أنه المصري الوحيد الذي يحرر في دائرة المعارف البريطانية, بالإضافة إلي معجم لاروس الفرنسي, وكان إلي جانب عمله كأستاذ في إحدي جامعات السعودية, يستدعي كأستاذ محاضر بعدة جامعات بالولايات المتحدة وفرنسا, وهو في الحقيقة موسوعة علمية مبهرة في تاريخ الحضارات واللغات الشرقية والعقائد القديمة.
قلت: ما شاء الله..
.................
.................
ولكي نعرف ونفهم أكثر وبتفاصيل تقرب ديانة الصابئة إلي عقولنا ووجداننا.. سألته:
ما هي حقيقة( الصابئة)؟
قال: إنها6 حقائق:
(1) التوحيد: كل الدراسات أثبتت بكل اليقين أن أولئك( الصابئين) من أعظم وأتقي( الموحدين).
(2) من أتباع( إدريس): حيث تجمع المراجع العربية والإسلامية علي أن ديانة النبي إدريس كانت تسمي( الصابئة), وأن أتباعه هم أولئك( الصابئون).
(3) مصر مهد( الصابئة): حيث كان أول أتباع النبي المصري( إدريس) هم المصريون القدماء.
(4) اسم الـ( صابئة): وهو لفظ مصري قديم منB2 ـ*/ صبأ.. بمعني هدي/ هداية), وبذلك كان أصل معني: دين( الصابئة) هو: دين( الهداية), أو دين( الهدي). أما لفظ: الـ( صابئون) فيعني الـ( مهتدون).
(5) ويسمون أيضا الـ( حنفاء).. وهذا ما ورد في التراث العربي والإسلامي.
وجدير بالذكر أن لفظ حنف) نفسه مصري قديم.. ويكتب في الهيروغليفية بمعني( خضع)
ويؤكد هنا عالم المصريات الكبير د. أحمد بدوي أن هذا اللفظ هو نفسه الذي انتقل إلي الآرامية حيث أطلق علي النبي إبراهيم وأتباعه.
(6) التقارب مع الإسلام: هذا ما تؤكده المراجع العربية والإسلامية, ومنهم علي سبيل المثال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره, وذلك هو الواقع بالفعل في العقائد والشرائع والطقوس والعبادات.
أسأله: وماهي أركان الديانة المصرية الصابئية الحنيفية؟
قال: الركن الأول: التوحيد.
الركن الثاني: الصلاة.
وكانت الصلاة عندهم أيضا قائمة علي الخماسية..
فعدد الصلوات في اليوم عندهم خمسة, وأركان الصلاة خمسة, وهي:
1 ـ الوقوف مع رفع الذراعين علامة التكبير.
2 ـ الوقوف مع وضع الكف اليمني فوق اليسري أسفل الصدر.
3 ـ الركوع.
4 ـ السجود.
5 ـ وضع القعود, حيث يبرك المصلي علي ركبتيه ليبارك ويقدم التحيات للإله.
* ملحوظة: ولفظ برك و بارك من الأصل المصري برك بنفس معانيه في العربية.
أسأله: هل عرفوا الوضوء قبل الصلاة؟
قال: كان يشترط التطهر/ الوضوء قبل الصلاة.. وطريقته عند الصابئة ـ نقلا عن القدماء المصريين ـ تكاد تطابق ما يفعله المسلمون, وكذلك أيضا بالنسبة لمفسدات الوضوء.
* كما كانوا يعرفون القبلة لتحديد اتجاه الصلاة, وكان ذلك من تعاليم نبيهم إدريس.
* كما كانت الصلاة عندهم يسبقها نداء آذان.. بل وكان هذا الأذان يسمي في لغة( الصابئة) ومنذ ما قبل الإسلام بكثير آذان.
* كما كانوا يعرفون( التسبيح) في أثناء الصلاة أو كشعيرة مستقلة.
بل ولفظ( سبح) نفسه مصري قديم, ويكتب في الهيروغيليفية... سبح, وهو اللفظ نفسه الذي انتقل إلي العبرية والآرامية ثم العربية.
* كما كانوا يعرفون السبحة كأداة لعد التسبيحات.
* كما كانوا يعرفون( الدعاء) داخل الصلاة أو كشعيرة مستقلة.
* كما كانوا يستخدمون النداء( آمين) وبنفس نطقه واستخداماته في اليهودية والمسيحية والإسلام.
* كما كانوا يمارسون( صلاة الجماعة), وبالنظام الإسلامي نفسه, حيث الإمام في المقدمة وخلفه صفوف المصلين.
أسأله: هل عرفوا الزكاة؟
قال: إنه الركن الثالث وتسمي في المصرية ماعون, وهو اللفظ الذي انتقل بالنطق والمعني نفسه إلي العربية, وورد في القرآن الكريم.
ثم الركن الرابع الصيام), وهو لفظ مصري صوم بمعني( كبح ـ حبس ـ أمسك), أي حبس وكبح النفس عن شهواتها, سواء عن الطعام أو غيره, وهو اللفظ الذي انتقل ـ وباستخداماته الدينية نفسها ـ إلي لغة الصابئة, ثم اللغة العبرية فالعربية.
* وكان هدف( الصوم) عندهم هو التطهير الروحي, وأيضا كــ( كفارة) للذنوب.
أما الركن الخامس( الحج).. ولفظ( حج) في المصرية/ حج.. بمعني( الضياء) وعن النبي صلي الله عليه وسلم أن الـ حج( ضياء) بمعني التشبع بالنورانية.
وقد انتقل هذا اللفظ المصري, وبالنطق والمعني والاستخدامات الدينية نفسها إلي اللغة العبرية والصبيئة ثم العربية.
...............
..............
مازلنا مع الدكتور نديم السيار والصابئة..
قال: لعلمك المصريون هم أول من عرف ومارس( الختان), وتذكر المراجع الإسلامية أنه كان من تعاليم نبيهم إدريس.
* كما أن لفظ( ختن) نفسه, ليس عبريا ولا عربيا, ولكنه مصري قديم.
ويكتب: ختن من الأصل( خت) بمعني( قطع).
* وقد كان ذلك الختان في عقيدتهم مرتبط بمعني( العهد) المقدس, كما كانوا يذكرون أن ذلك القطع في اللحم الختان هو علامة العهد بين الإله والإنسان, وهذا نفسه ما نجده في التوراة وبالحرف.
* ومن الجدير بالذكر أن الختان كان لا يعرفه ولا يمارسه آنذاك إلا المصريون.
أما بالنسبة للغرباء ـ من غير المصريين ـ الذين كانوا يريدون الدخول في ملتهم الـ حنيفية فكان لزاما عليهم قبل كل شيء أن يختتنوا.
وجدير بالذكر أن إبراهيم لم تجر له عملية( الختان) إلا بعد هجرته لمصر, وبرغم أنه آنذاك كان في الثمانين من عمره!
وكان المصريون لا يأكلون إلا الأطعمة الطاهرة( من الذبائح وغيرها), كما كانوا يحرمون لحوم الجوارح من الطير, وكذلك لحم الكلب والحمار.
وجدير بالذكر أن ذلك كله كان في تعاليم ديانة الصابئة, وكذلك أيضا في الإسلام.
* كما كانوا يحرمون: الميتة والدم ولحم الخنزير.
وكذلك عند( الصابئة), وكذلك أيضا في الإسلام!
أسأله: وماهي كتبهم المقدسة؟
قال: كان للمصريين القدماء كتب مقدسة, يطلقون عليها زش بت بمعني كتب السماء, حيث يذكرون أنها قد جاءتهم بوحي سماوي.
* كما وضعوا أسماء تقسيمات النص المقدس مثل آية و سورة و سفر
وفي التراث الإسلامي أن نبي المصريين إدريس كانت له عدة كتب سماوية, ومنها تلك الـ30 صحيفة الشهيرة التي ورد ذكرها في العديد من المراجع الإسلامية.
* وكذلك كانوا يعرفون المزامير وهي أناشيد دينية تؤدي بمصاحبة المزمار, وكانت تسمي في لغتهم زبور.
* وقد عرف الصابئة هذا النوع من الإنشاد الزبور منسوبا إلي النبي إدريس.
كما عرفه اليهود أيضا, ولعل من أشهره عندهم مزامير داود.
ومن الجدير بالملاحظة والتأمل أن القرآن الكريم عندما تحدث عن مزامير النبي داود قد أورد الاسم في أصله المصري القديم زبور.. وآتينا داود زبورا.. وليس بتسميته العبرية أو الآرامية أو العربية.
.................
.................
ما قولكم دام فضلكم ونحن نحتفل بعيد الاضحي المبارك.. في ديانة المصريين القدماء.؟
هل كانوا علي عهد التوحيد وعبادة الإله الواحد الأحد؟
وماذا عن آخر طائفة منهم مازالت تعيش حتي الساعة في جنوب العراق؟
.. ويبقي حديث عن الإنسان المصري الذي صعد إلي السماء!{